الأربعاء، 4 ديسمبر 2013




في جلسة جميلة دافئة مع إحدى صديقاتي كنا نتسامر ونحكي مواقف مضحكة مررنا بها وإذا بها تستطرد قائلة ( مر بي موقف لن أنساه ما حييت كنت منذ عدة أعوام حامل في بنتي الصغرى وذهبت وأنا  في قمة الإعياء والإرهاق الشديدين إلى مدرسة إبني الأكبر
ولأنه كان في الصف الأول الإبتدائي رأيت أنه من الملائم جداً إصطحابه أول يوم في الدراسة حتى يألف مدرسته الجديدة ولأني كنت في الشهور الأخيرة من الحمل كنت وبلا مبالغة أشبه الكاريكاتير الخاص بميشلان ماركة كاوتش السيارات كائن مستدير كامل الإستدارة منتفج الوجه والكفين والقدمين وكأني فجأة تحولت لبالون فكنت ألجأ لإرتداء الجلباب العربي ( العباءة) حتى أشعر بالراحة وكل الأحذية لم تعد تلائم قدمي التي تشبه رغيف الفينو المنتفخ فكنت أستعيض بشبشب رياضي حتى أستطيع المشي ولا أتألم وفجأة ودون سابق إنذار وأثناء دخولي المدرسة ومعي إبني
سمعت صوت أشبه بصوت الحمار يزعق وينهنه وبكل عنف وصراخ صاح في 
إنتي يا ولية داخلة من الباب ده ليه الباب ده خاص بهيئة التدريس إزاي تتجرأي وتيجي هنا 
وإذا بي أشعر بدهشة يصاحبها ذهول وتحولت فجأة من طبيبة بشرية إلى إمرأة بلهاء تفتح فاها وكأنها مصابة بالهبل
ورددت عليه ولكن والغصة في حلقي : أنا أنا أنا مكونتش أعرف إن ده باب هيئة التدريس 
وبعدين أنت أزاي تكلمني كده المفروض إننا في مدرسة محترمة
فرد علي بكل وقاحة : أنا صاحب المدرسة وإنتي مين إنتي اللي جاية تعلمينا الأدب
فأيقنت ساعتها أني أمام رأسمالي منحط لا علاقة له بالتعليم ولا التربية وخصوصاً التربية
وكل علاقته بهذه المدرسة علاقة إستثمارية بحتة (سبوبة يعني )
وعاملني أسوأ معاملة وما لبثت إلا وأم أحد زملاء أبني تهدأني وتقول لي :
متزعليش كل واحد وثقافته وإستطردت الحديث معاها فقالت لي على إستحياء وبصوت خفيض :
بصراحة شكلك ميدلش على انك دكتورة
فأفقت من غفوتي وألحقت إبني بالفصل الدراسي الخاص به وذهبت مسرعة نحو بيتي وكأني أريد أن أختبأ به وأحتمي فيه 
وقابلتي زوجي وحكيت له ما حدث فرد بعد أكثر من نصف ساعة كلام مني 
قائلاً : معلشي يا حبيبتي الدنيا مظاهر
وظلت هذه الذكرى السيئة برأسي تأتي وتذهب وأتذكرها من حين لآخر
إلى أن أتت اللحظة الحاسمة وجاء موعد دخول إبنتي التي كانت في أحشائي أنتظر ولادتها حين إلتحق إبني بالصف الأول
جاءت لحظة دخولها المدرسة هي الأخرى 
وفي المساء قررت أن أذهب بملابس ومظهر مختلف تماماً عن الذي ذهبت به من ذي قبل 
الآن لا حجة لدي ولا حمل ولا إنتفاخ
جهزت البدلة الرسمية
ونظارة الشمس الريبان
والحقيبة الإيف سان لوران والحذاء العالي
وأفقت باكراً وإرتديت ثيابي وأخذت صغيرتي بيدي
وتوكلت على الله
وذهبت إلى المدرسة وقلبي يرتجف من مقابلة ذلك الكائن البيضوحباطي 
وأثناء دخولي المدرسة سمعت نفس الصوت البشع يرحب بي ويفتح لي باب هيئة التدريس ويناديني للدخول منه ( وهو مين يا فندم يستحق يدخل من هنا أحسن من سياتك نورتي يا هانم إيه يا امورة ماسكة إيد ماما كده ليه خايفة آكوتموتي يا خلاثي إيه الثوكر ده
وأنا أنا أنا في حالة ذهول كيف تبدلت المعاملة بهذه الصورة من أقصى اليمين لأقصى وأقصى اليسار كيف تتحكم المظاهر في تقييم البشر وطريقة معاملتهم وهل نحن بهذه السطحية )
ضحكت صديقتي وأنا معها ولكن شر البلية ما يضحك
متى سنعرف ونؤمن أن المعاملة الطيبة والإحترام حق إنساني مكفول للجميع 
يا إخواني في الإنسانية جاوبوني أليست الكرامة للجميع ؟؟؟؟؟

بقلم كريم وجدي

مؤسس مدونة أغلى من حياتي مهووس بالتدوين و جديد المعلوميات و التكنولوجياو أحب مشاركة خبرتي الصغيرة معكم :)

0 التعليقات